الآثار القانونية والعقوبات المترتبة على عدم تنفيذ (حكم الرؤية) في القانون الكويتي

مقدمة

إن حق الرؤية هو حق أساسي كفله القانون الكويتي لكل من الأبوين والأجداد، وهو يمثل ضمانة لاستمرار العلاقة بين الطفل وأسرته، حتى في حالة انفصال الوالدين. يهدف هذا الحق إلى حماية مصلحة الطفل وضمان ارتباطه بأسرته، وبالتالي يعد عدم تنفيذ حكم الرؤية مشكلة قانونية واجتماعية ذات تداعيات خطيرة.

أولاً: الإطار القانوني لحق الرؤية في القانون الكويتي  

  1. قانون الأحوال الشخصية الكويتي رقم 51 لسنة 1984: نصت المادة (196) من هذا القانون على حق الرؤية، والذي يُعطى للأبوين والأجداد فقط. وتنص المادة سالفة الذكر على أنه لا يجوز للحاضن منع أحد هؤلاء من رؤية الطفل، وإذا حدث ذلك، يتمكن القاضي من تعيين موعد ومكان مناسب للرؤية. هذا النص يُظهر حرص المشرع الكويتي على ضمان حق الطفل والأسرة في التواصل.
  2. قانون حماية الطفل رقم 21 لسنة 2015: تنص المادة 6 من هذا القانون على أن للطفل الحق في الرؤية، وهو حق مكفول له بموجب القانون، بما يضمن تحقيق مصلحته الفضلى. وهذا يعني أن الامتناع عن تنفيذ حكم الرؤية يُعد انتهاكًا لحقوق الطفل ويعرض الحاضن للمساءلة القانونية.
  3. قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم 38 لسنة 1980: وفقًا للفقرة (ب) من المادة 193، فإن أحكام الرؤية تخضع للنفاذ المعجل، مما يعني أنها تُنفذ بشكل فوري دون تأخير. وهذا يعكس أهمية تنفيذ هذه الأحكام بشكل عاجل حفاظًا على حقوق الطفل وحقوق الأسرة.

ثانيًا: العقوبات المترتبة على عدم تنفيذ حكم الرؤية

  1. العقوبات الجزائية: إذا امتنع الحاضن عن تنفيذ حكم الرؤية بدون عذر مقبول، فإن هذا الامتناع يُعد جنحة يعاقب عليها القانون الكويتي. تنص المادة 80 من قانون حماية الطفل رقم 21 لسنة 2015 على عقوبة الحبس لمدة تصل إلى سنة وغرامة لا تقل عن ألفي دينار كويتي أو بإحدى هاتين العقوبتين لكل من يمنع الطفل من الحصول على حقوقه المكفولة بموجب القانون.
  2. العقوبات المدنية: يتعرض الحاضن الممتنع عن تنفيذ حكم الرؤية أيضًا لعقوبات مدنية، حيث يمكن أن يؤدي ذلك إلى إسقاط حق الحضانة ونقلها إلى الطرف الآخر. بالإضافة إلى ذلك، يحق للطرف المتضرر المطالبة بتعويضات أدبية نتيجة الأضرار التي لحقت به جراء عدم تنفيذ الحكم.
  3. إجراءات التنفيذ الجبري: إذا لم يستجب الحاضن للإنذار القضائي بتنفيذ حكم الرؤية، يمكن للطرف المتضرر اللجوء إلى إدارة التنفيذ في المحكمة لتنفيذ الحكم جبريًا. وقد يصل الأمر إلى حبس الممتنع عن التنفيذ لمدة تصل إلى ستة أشهر أو فرض غرامة تهديدية لضمان الامتثال.

ثالثًا: الإجراءات القانونية لضمان تنفيذ حكم الرؤية

  1. التنفيذ الجبري: يمكن للطرف المتضرر التقدم بطلب إلى المحكمة لتنفيذ حكم الرؤية جبريًا إذا رفض الحاضن الامتثال للحكم. تتبع المحكمة الإجراءات القانونية اللازمة لضمان تنفيذ الحكم، بما في ذلك اللجوء إلى القوة الجبرية إذا لزم الأمر.
  2. الوساطة الأسرية: يشجع القانون رقم 12 لسنة 2015 بشأن محكمة الأسرة على استخدام الوساطة الأسرية لحل النزاعات المتعلقة بتنفيذ أحكام الرؤية. تهدف هذه الوساطة إلى تحقيق تسوية ودية بين الطرفين بما يحقق مصلحة الطفل ويجنب اللجوء إلى الإجراءات القضائية القاسية.
  3. الإشراف القضائي: في بعض الحالات، قد تأمر المحكمة بتنفيذ حكم الرؤية تحت إشراف قضائي لضمان الامتثال الكامل للحكم وحماية حقوق جميع الأطراف المعنية.

رابعا: إجراءات قانونية إضافية يمكن اتخاذها‎:

إلى جانب العقوبات المذكورة التي يفرضها القانون على الحاضن الممتنع عن تنفيذ حكم الرؤية، يمتلك الطرف ‏المتضرر خيارات قانونية إضافية لتعزيز حماية حقوقه وحقوق أطفاله. من بين هذه الإجراءات‎:‎

طلب تعديل حكم الرؤية‎:

في الحالات التي يظهر فيها أن حكم الرؤية الأصلي غير فعال أو يصعب تنفيذه بسبب تغير الظروف أو سوء ‏استغلال الحق من قبل الحاضن، يحق للطرف المتضرر تقديم طلب للمحكمة لتعديل حكم الرؤية. يمكن أن ‏يشمل هذا التعديل تغيير المكان أو الزمان المحدد للرؤية، أو وضع شروط إضافية تضمن التنفيذ الفعلي للحكم‎.‎

تقديم طلب لمنع السفر‎:

كإجراء احترازي، يمكن للطرف المتضرر طلب إصدار أمر قضائي لمنع سفر (المحضون) بناء على رغبة (الحاضن) والذي يرفض تنفيذ ‏حكم الرؤية. يمنح هذا الإجراء الطرف المتضرر ضمانة إضافية بأن الحاضن لن يغادر البلاد مع الطفل، مما ‏قد يعرض تنفيذ حكم الرؤية للخطر ويؤثر سلبًا على حق الطفل في الاتصال بالوالد الآخر‎.‎

تقديم طلب للإشراف القضائي‎:

في الحالات التي يكون فيها تنفيذ حكم الرؤية متعثرًا بسبب عدم التعاون بين الأطراف، يمكن للطرف ‏المتضرر طلب تنفيذ الرؤية تحت إشراف قضائي أو في مكان محدد يتم تحديده من قبل المحكمة. هذا الإجراء ‏يضمن أن الرؤية تتم وفقًا للشروط المحددة في الحكم القضائي، ويقلل من احتمالية نشوب نزاعات جديدة بين ‏الوالدين‎.‎

طلب تعويضات مدنية‎:

إذا تسبب الامتناع عن تنفيذ حكم الرؤية في أضرار نفسية أو مادية للطرف الآخر، يحق له المطالبة ‏بتعويضات مدنية عن هذه الأضرار. يتم تحديد مقدار التعويض بناءً على الظروف الخاصة بكل حالة، وفقًا ‏لقواعد المسؤولية المدنية المنصوص عليها في القانون المدني الكويتي‎.‎

حماية مصلحة الطفل الفضلى

تُعتبر مصلحة الطفل الفضلى أحد المبادئ الأساسية التي يقوم عليها القانون الكويتي وكذلك التشريعات الدولية المتعلقة بحقوق الطفل. وقد نصت المادة 3 من اتفاقية حقوق الطفل، التي صادقت عليها دولة الكويت، على ضرورة إيلاء الاعتبار الأول لمصالح الطفل الفضلى في جميع الإجراءات التي تتعلق بالأطفال، سواء كانت هذه الإجراءات تتخذ من قبل المحاكم، أو المؤسسات الإدارية، أو الهيئات التشريعية.

ويعني هذا المبدأ أن جميع القرارات التي تؤثر على الأطفال يجب أن تأخذ في الاعتبار مصلحتهم الفضلى كأولوية قصوى. في سياق تنفيذ حكم الرؤية، فإن هذا يعني أنه لا يجب أن يُسمح لأي نزاع بين الوالدين أو أي خلاف قانوني أن يؤثر سلباً على حق الطفل في الاتصال بوالديه، أو التمتع بحياة مستقرة وآمنة. إذا قام أحد الوالدين بمنع تنفيذ حكم الرؤية، فإن هذا التصرف لا يضر فقط بحقوق الوالد الآخر، بل يمكن أن يكون له تأثيرات سلبية كبيرة على نفسية الطفل ورفاهه.

وعليه، تقوم المحاكم الكويتية، استناداً إلى هذا المبدأ، بمراجعة جميع الأدلة والظروف المحيطة عند إصدار الأحكام المتعلقة بالرؤية، لضمان أن تكون هذه الأحكام في مصلحة الطفل الفضلى. وإذا تم تجاوز هذا المبدأ من قبل أي طرف، فإن القانون يفرض عقوبات صارمة لضمان حماية حقوق الطفل والحفاظ على مصلحته.

خلاصة القول

إن عدم تنفيذ حكم الرؤية في القانون الكويتي يترتب عليه عواقب قانونية جسيمة تشمل العقوبات الجزائية والمدنية. يهدف المشرع الكويتي من خلال هذه الأحكام إلى حماية مصلحة الطفل وضمان حقه في رؤية والديه، كما يسعى إلى تحقيق التوازن بين حقوق جميع الأطراف. لذا، من الضروري على الأبوين الالتزام بتنفيذ أحكام الرؤية لتجنب التعرض للعقوبات وضمان استقرار حياة الطفل.

استشارة قانونية ودعم من مركز الأربش

إذا كنت تواجه تحديات في تنفيذ حكم الرؤية أو تحتاج إلى استشارة قانونية لحماية حقوقك وحقوق طفلك، فإن مركز الأربش الدولي للمحاماة والاستشارات القانونية يقدم لك الدعم اللازم. لدينا الخبرة والمعرفة القانونية لضمان حقوقك. تواصل معنا لنعمل معًا على تحقيق النجاح والامتثال القانوني.

 

المراجع:

  1. قانون الأحوال الشخصية الكويتي رقم 51 لسنة 1984.
  2. قانون في شأن حقوق الطفل رقم 21 لسنة 2015.
  3. قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم 38 لسنة 1980.

 

أ. منى الأربش

محامية

مؤسس مركز الأربش